منتديات شباب العرب لكل العرب مدير المنتدى / سعيد حسين ياسين العطـار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات شباب العرب لكل العرب مدير المنتدى / سعيد حسين ياسين العطـار

لكل شاب ولكل فتاة في الوطن العربي والعالم الاسلامي اهديكم هذا العمل لوجه الله تعالى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التاريخ الاسلامي14

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سلوى سعيد

سلوى سعيد


عدد الرسائل : 208
تاريخ التسجيل : 03/04/2007

التاريخ الاسلامي14 Empty
مُساهمةموضوع: التاريخ الاسلامي14   التاريخ الاسلامي14 I_icon_minitimeالأربعاء مارس 03, 2010 6:32 pm

التاريخ الإسـلامي



الدولة الأيوبـية
(567-648هـ/ 1172-1250م)
يعتبر صلاح الدين يوسف بن
أيوب هو المؤسس الحقيقي للدولة الأيوبية، وذلك بعد أن عُيِّن وزيرًا
للخليفة الفاطمي ونائبًا عن السلطان نور الدين محمود، فعمل صلاح الدين على
أن تكون كل السلطات في مصر تحت يده، وأصبح هو المتصرف في الأمور، وأعاد
لمصر التبعية للدولة العباسية، فمنع الدعاء للخليفة الفاطمي ودعا للخليفة
العباسي، وأغلق مراكز الشيعة الفاطمية، ونشر المذهب السني.
التوجه إلى
النوبة:
ومما يذكر أن نور الدين محمود -الذي بعث أسد الدين شيركوه وصلاح
الدين إلى مصر- ما زال حيّا، وكان صلاح الدين خائفًا أن يحاربه نور الدين،
ففكر لأجل ذلك أن ينظر مكانًا آخر يقيم عليه دولة له، فبدأ صلاح الدين
مبكرًا في إرسال بعض خاصته يستطلعون الأحوال في بلاد النوبة واليمن وبرقة.
أما
النوبة فكان يحكمها قبيلة الكنوز التابعة للفاطميين فأرسل صلاح الدين أخاه
تورانشاه، وعينَّه على "قوص" و"أسوان" و"عذاب" و"النوبة"، ولما استدعى
صلاح الدين أخاه إلى القاهرة أناب تورانشاه عنه رجلا من نوابه وزوده بقوة
عسكرية.
وفاة نور الدين:
أما برقة، فإن الفرصة لم تدع لأولئك -الذين
بعثهم صلاح الدين لاستكشاف الأمر- أن يصنعوا شيئًا ذا بال؛ لأن نور الدين
محمود قد توفي في شوال سنة 569هـ، وبدأ الأمر يستقر لصلاح الدين، وبدأ يعمل
على توحيد الدولة الأيوبية وحماية أركانها في مصر والشام.
امتداد
الدولة:
بالفعل، بدأ صلاح الدين التوجه إلى بلاد الشام بعد وفاة نور
الدين، فدخل دمشق، ثم استولى منها علىحمص، ثم حلب، وبذا أصبح صلاح الدين
سلطانًا على مصر والشام. ثم عاد إلى مصر وبدأ الإصلاحات الداخلية، وخاصة في
القاهرة والإسكندرية، ثم سافر إلى الشام؛ ليبدأ ما كان قد بدأه من قبل،
وهو جهاده المشرق ضد الصليبيين.
وكانت دولة الأيوبيين قد امتدت إلى بلاد
الحجاز؛ حيث قام صلاح الدين بتحصين جنوب فلسطين، والاستعداد لأي أمر يقوم
به أرناط صاحب قلعة الكرك، والذي كان يدبر للهجوم على الأماكن المقدسة في
مكة والمدينة، وكان صلاح الدين قد اعتني بميناء القلزم وميناء جدة، لأن
أرناط كان قد عمَّر أسطولا في ميناء أَيْلَة أو العقبة، وأرسل سفنًا بلغت
عِيذاب، فاستولى صلاح الدين على أيلة، وأخذ منها أسرى من الصليبيين، وكذلك
قبض رجاله على بعض الصليبيين الذين وصلوا إلى عيذاب، وأرسلوا جميعًا
مصفَّدين بالأغلال، حيث ذُبحوا مع الهدي الذي أهداه الحجاج لله سبحانه في
ذي الحجة سنة 578هـ ، واستولى صلاح الدين على بيت المقدس، وقد وقع في الأسر
ملك بيت المقدس، ونفر من الفرسان الصليبيين ومن بينهم أرناط الذي لم تكد
عين صلاح الدين تقع عليه حتى أمر بقتله.
وعقب استيلاء صلاح الدين على
بيت المقدس سقطت في يده كل موانئ الشام، فيما عدا موانء إمارة طرابلس،
وأنطاكية، وانتهت الحروب الصليبية بصلح الرملة بين صلاح الدين والصليبيين.
وظل
صلاح الدين رافعًا راية الجهاد حتى صعدت روحه إلى بارئها عام 589هـ بعد أن
قسم دولته بين أولاده وأخيه العادل، ولكنهم تناحروا فيما بينهم، وظل بعضهم
يقاتل بعضًا في ظروف كانت الدولة تحتاج فيها إلى تجميع القوى ضد الصليبيين
ممن يكيدون للإسلام، ولم يمنع ذلك أن كانت لهم وقفات ضد الصليبيين، ففي
الحملة الصليبية التي تعرضت لها دمياط، والتي كان يقودها لويس التاسع، الذي
وقع أسيرًا، وحبس في دار ابن لقمان في عهد الملك توران شاه ابن نجم الدين
أيوب، وبوفاة توران شاه انتهت دولة الأيوبيين.
التاريخ الإسـلامي



دولة المماليك
(648-923هـ/1250-1517م)
من المماليك؟ وما موطنهم
الأصلي؟ وكيف وصلوا إلى الحكم؟ وما دورهم في حماية العالم الإسلامي ؟
فضل
المماليك:
إنها أسئلة تخطر بالبال حين يذكر أولئك الرجال الذين حكموا
مصر والشام، وكان لهم شأنهم في موقعة "عين جالوت"، ومازال العالم كله يذكر
فضلهم في أول هزيمة أصابت المغول.
إن المؤرخين جميعًا يعتبرون انتصار
المماليك انتصارًا عالميّا؛ فقد عجزت الدولة الخُوارزمية، والدولة العباسية
عن مقاومة المغول أو مدافعتهم، وبعد أن انهارت القوى المسيحية أمام الزحف
المغولي على أجزاء من "روسيا" و"بولندا" و"المجر" الحالية! لقد كانت
"موقعة عين جالوت" أول صدمة في الشرق لجيوش المغول ورؤسائهم الذين خُيّل
لمعاصريهم أنهم قوم لا يُغلَبون، فجاءت هذه الواقعة لتقول للدنيا لا غالب
إلا الله، وأن فوق كل قوي من هو أقوى منه، وأن النصر من عند الله ينصر من
يشاء.
ومن هنا كسبت سلطنة المماليك مركز الصدارة بين سلاطين المسلمين،
كما استقامت لمصر زعامة جديدة في العالم الإسلامي. ولكن، ما أصل أولئك
المماليك؟
أصل المماليك:
إنهم خليط من الأتراك والروم والأوربيين
والشراكسة، جلبهم الحكام ليستعينوا بهم في القرن السادس الهجري وحتى منتصف
القرن السابع.
كان كل حاكم يتخذ منهم قوة تسانده، وتدعم الأمن
والاستقرار في إمارته أو مملكته، وممن عمل على جلبهم والاستعانة بهم
الأيوبيون، وبخاصة في عصورهم المتأخرة لما أصابهم الضعف واحتاجوا إلى
الرجال. لقد كانوا يُباعون للملوك والأمراء، ثم يُدَرَّبون على الطاعة
والإخلاص والولاء.
المماليك في مصر:
وعرفت مصر نوعين من هؤلاء
المماليك:
1- المماليك البحرية وهم الذين أسكنهم الملك الصالح الأيوبي
قلعة في جزيرة الروضة، ونسبوا إلى بحر النيل، أو سمّوا بذلك لأنهم قدموا من
وراء البحار، وهؤلاء حكموا مصر من سنة (648-784هـ/ 1250-1382م) وتداول عرش
مصر في عهدهم أربعة وعشرون سلطانًا .
2- أما النوع الثاني فهم المماليك
البرُجية أو الجراكسة، وسُمّوا بذلك لأن السلطان قلاوون أسكنهم أبراح قلعة
الجبل، ولأن الجراكسة كانوا أكثر عددًا، وهؤلاء حكموا مصر من سنة
(784-923هـ/ 1382-1517م) وهم ثلاثة وعشرون سلطانًا.
لقد عرفت البداية
لدولة المماليك، ولقد كانت النهاية على يد العثمانيين عند مرج دابق
والريدانية (حي العباسية) سنة 923هـ، وكانت الغلبة للعثمانيين الذين آلت
إليهم ممتلكات المماليك ليبدءوا عهدًا جديدًا.
ولم يأخذ المماليك بمبدأ
وراثة العرش، وإنما كان الطريق مفتوحًا أمام من أبدي شجاعة وإقدامًا
ومقدرة. هذه هي المؤهلات في دولة المماليك التي قامت على أنقاض دولة
الأيوبيين، وبعد مقتل توران شاه آخر سلاطين الأيوبيين بمصر.
التصدي
للمغول:
إن المغول يزحفون..وإن الخطر قادم فلتتوقف الخلافات بين
المسلمين، ولتتوحد القوى في مواجهة هذا العدو!
لقد استولى المغول
علىالأراضي الإسلامية التابعة لخوارزم شاه، ثم واصلوا سيرهم -كما عرفت من
قبل- مهددين العراق حتى أسقطوا الخلافة العباسية.
كانت مصر في ذاك الوقت
يحكمها علي بن أيبك الذي كان في الخامسة عشرة، والذي تولى مصر بعد وفاة
أبيه المعز أيبك، وكان ضعيفًا لا حول له في هذه الظروف الصعبة. وراحت مصر
تتطلع إلى مملوك قوي يحمي حماها، ويصون أرضها. لقد سقطت الخلافة العباسية،
واستولى التتار على بغداد وبقية مدن العراق، ثم اتجهوا نحو بلاد الشام التي
كانت مقسَّمة إلى إمارات يحكمها أمراء أيوبيون، وتمكن التتار من الاستيلاء
على حلب سنة 657هـ/1277م.
سيف الدين قطز:
وفي هذه اللحظات التاريخية
ظهر "سيف الدين قطز" وقد تولى حكم مصر، وقال قولته المشهورة : لابد من
سلطان قاهر يقاتل عن المسلمين عدوهم.
ووصلت إلى مصر صرخات أهل الشام،
واستغاثات أمرائهم من الأيوبيين: أن تحركوا واعملوا على إنقاذنا، لقد قتلوا
العباد، وخربوا البلاد، وأسروا النساء والأطفال، وأصبحت مصر هي الأمل
بعدما ضاع الأمل في الخلافة، وفي أمراء الشام. خرج "سيف الدين قطز" في
عساكره، حتى انتهي إلى الشام.
عين جالوت:
وكان اللقاء عظيمًا عند
"عين جالوت" في الخامس والعشرين من رمضان الذي وافق يوم جمعة. ولأول مرة
يلقى المغول من يصدهم ويهزمهم هزيمة ساحقة، وكان النصر لراية الإسلام.
وكانت صيحة واحدة صدق بها المسلمون ربهم "وا إسلاماه"، وفي يوم واحد،
انقلبت الأوضاع، وأذن الله بنصره بعد عصر طويل من الذل والمهانة، وبعد جبال
الأشلاء وأنهار الدماء التي غرق فيها المسلمون .
عزة بعد ذل:
ولكي
تدرك مدى الضعف الذي كان عليه المسلمون قبل أن يعودوا إلى ربهم، فاعلم أن
التتري كان يلقى المسلم في بغداد وليس معه سيف، فيقول للمسلم: قف مكانك حتى
أحضر السيف لأقتلك. فيبقى المسلم جامدًا ذليلا في مكانه حتى يأتيه التتري
بالسيف فيقتله به!
لقد قاتل سيف الدين قطز قتالا عظيمًا، وقاتل معه
الأمراء المماليك حتى النصر .
ووقف قطز يوم "عين جالوت" على رجليه
تاركًا جواده، وهو يقول لمن راح يلومه على ذلك خائفًا عليه: إنني كنت أفكر
في الجنة، وأما الإسلام فله رب لا يضيعه! لقد قام قطز بنفس الدور الذي قام
به صلاح الدين.. عرف الحقيقة، وأعلنها على الناس:
لقد انهزمتم أمام
التتار لتهاونكم في أمر دينكم، فاستمسكوا بهذا الدين، والله منفذ وعده الذي
وعدSad وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن
قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُون) [النور:55].
الظاهر بيبرس:
ولكنه لقي مصرعه وهو في
طريق العودة بعد النصر! ويتولى الأمر من بعده "الظاهر بيبرس البندقداري"،
يتولى سلطنة مصر، والشام، ويبعث بإحضار أحد العباسيين إلى مصر ويعينه خليفة
للمسلمين، وهو المستنصر بالله، وقد تولى بعد مقتله الحاكم بأمر الله
الخلافة بمصر، وأُطلق عليه أمير المؤمنين، وكان يدعي له على المنابر، أما
الأمر والنهي فهو للمماليك حتى سقطت الخلافة، وانتقلت من العباسيين إلى
العثمانيين.
قتال الصليبيين:
وإذا كان التاريخ قد سجل للمماليك في
حرب المغول بطولة رائعة، فقد سجل لهم قبل سنة 648هـ/ 1250م بسالتهم
وإقدامهم في قتال الصليبيين عند "المنصورة" وعند "فارسكور" بقيادة الظاهر
بيبرس.
إن الظاهر بيبرس لم يترك سنة في فترة ولايته دون أن يغزو
الصليبيين ويحقق انتصارات عليهم. لقد استرد "الكرك" سنة 661هـ/ 1263م،
و"قَيْسَارِيَّة" سنة 663هـ/ 1265م، وكثيرًا من البلاد التي استولى عليها
الصليبيون مثل "صفد"، و"يافا"، و"أنطاكية" سنة 666هـ/ 1268م. لقد وقف بيبرس
للتتار وللصليبيين معًا بعد أن تحالفت قوى التتار والصليبيين ضد المسلمين.
وكان لهما بالمرصاد، وأسس دولة المماليك تأسيسًا قويّا، وعندما لقي ربه
سنة 676هـ/ 1278م، استمر الملْك في ذريته حتى سنة 678هـ/ 1279م .

الملك
الأشرف خليل:
ومرت سنوات قبل أن يتولى الملك "الأشرف خليل" أمر البلاد
بعد وفاة والده قلاوون سنة 690هـ/ 1281م، وفيها أسدل الستار على الصراع
الصليبي مع المسلمين في العصور الوسطى .
لقد فتحت "عكا" وبقية مدن
الساحل في هذه السنة، وهرب الصليبيون إلى "قبرص" التي أصبحت ملجأ لهم في
الشرق، وهكذا قطع الله دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين .
لقد
حُلّت العقدة التي سادت الناس جميعًا كما سادتهم قديمًا عن عدم إمكان
هزيمة الجيوش المغولية مهما كانت أعدادها، وكسبت سلطنة المماليك مركز
الصدارة بين سلاطين المسلمين، كما استقامت لمصر زعامة جديدة في العالم
الإسلامي .
غزو الصليبيين:
ويستمر عهد المماليك البحرية حتى سنة
784هـ/1382م، وكان عهد استقرار ورخاء، ولكن بوفاة الناصر محمد بن قلاوون
سنة 741هـ/ 1341م، اضطربت البلاد المملوكية مما شجع الصليبيين على غزو مصر
سنة 767هـ/ 1366م، من جزيرة "قبرص" حتى سقطت الإسكندرية في أيديهم بعد أن
ساءت أحوال البلاد لعدم وجود رجل قوي على رأس المماليك بعد الناصر قلاوون،
وسقط كثير من الشهداء على أيدي الصليبيين الذين اعتدوا على البنات والنساء.

بداية
عهد المماليك البرجية:
ولكن يشاء الله أن يبدأ عهد جديد على "المماليك
البرجية" يعيد للمسلمين مجدهم، ويرفع راية الإسلام من جديد على ربوع الوادي
.
لقد بدأ عهد المماليك البرجية بالظاهر برقوق سنة 784هـ/ 1382م،
وانتهى بالأشرف قنصوه الغوري الذي قتل في مرج دابق على يد العثمانيين سنة
922هـ/ 1516م.
ولا ننسى للمماليك بصفة عامة دفاعهم عن الإسلام وأهله
ودياره ضد التتار، فلقد أبلوا بلاء حسنًا، وكانوا خير عَونْ للإسلام
والمسلمين في كل فترة من فترات تاريخهم .
حضارة المماليك:
ولقد اهتم
المماليك بالأوضاع الحضارية من بناء للمدارس والمساجد والعمائر، حتى يعد
عصرهم من أزهى العصور في العمارة، فقد كان للمماليك إسهام رائع في مجال
العمارة، فقد أصبح فن العمارة على أيديهم إسلاميًا يستقي قواعده من مبادئ
الإسلام وأصوله، ففن بناء البيوت مثلا على عهدهم انطلق من مبدأ منع
الاختلاط والغيرة على النساء، فتبني البيوت الطابق الأول للرجال
ويسمى"السلاملك" والسفلي للنساء ويسمى "الحرملك" ومدخل البيت ينحرف غربًا
نحو دهليز ومنه إلى حجرة الضيوف، حتى لا يرى الدَّاخِل مَنْ في وسط البيت،
وكانت هناك مداخل خاصة بالنساء فقط، وكانت شبابيك البيوت مرتفعة بحيث لا
يرى السائر في الطريق ولو كان راكبًا من بداخل البيت، وكانت هذه الشبابيك
عبارة عن خشب مثقوب يسمح بدخول الضوء والهواء، ويسمح لمن بداخل البيت برؤية
من بالخارج بحيث لا يري من بالخارج من بداخل الحجرات .
كما كانوا
يجعلون أماكن خاصة في الدور السفلي للدواب والمواشي، وحجرات خاصة للمطابخ،
وهم الذين ابتكروا نظام دولاب الحائط الذي يوضع فيه الأطباق الخزفية، وعنهم
أخذ هذا النظام.
وكان لهم اهتمامهم بالزراعة والصناعة، إلى جانب تأليف
الموسوعات العلمية والأدبية، ومن هذه الموسوعات التي ازدهرت في عهدهم "صبح
الأعشى في صناعة الإنشا" للقلقشندي، و"نهاية الأرب في فنون الأدب" للنويري .
كما
ازدهرت في عهدهم التآليف التاريخية، مثل المواعظ والاعتبار بذكر الخطط
والآثار للمقريزي، وكافة مؤلفاته، ومؤلفات ابن تغري بردي وغيرهما .
***
التاريخ الإسـلامي



دولة الخلافة العثمانية
لقد كان القرن السابع الهجري، (الثالث عشر
الميلادي) فترة سوداء في تاريخ العالم الإسلامي بأسره، ففي الوقت الذي
تقدمت فيه جحافل المغول الوثنيين من الشرق، وقضت على الخلافة العباسية في
بغداد كانت بقايا الجيوش الصليبية لا تزال تحتل أجزاء من شواطئ فلسطين!
ومما زاد الحالة سوءًا أن الدولة الأيوبية التي تولت حماية العالم الإسلامي
من هجمات الصليبيين أخذت تضعف بعد وفاة منشئها صلاح الدين. وقد ترتب على
هذا أن أخذت مناطق المسلمين تتقلص بين ضربات الوثنيين من الشرق، وحملات
المسيحيين من الغرب. وراح بعض الناس يعتقد أن الإسلام لن تقوم له قائمة مرة
أخري، إلا أن الكارثة لم تقع. تُرى ما سبب ذلك؟ يقول المؤرخون: هناك
سببان:
أولهما: أنه بالرغم من انتصار المغول على المسلمين في ميدان
الحرب فإن الإسلام انتصر عليهم في ميدان العقيدة، ففي أقل من نصف قرن دخل
المغول الإسلام، فأصبحوا يدافعون عنه، وينشرونه بين أهليهم في أواسط آسيا.
أما
ثانيهما فهو أن دولة المماليك التي خلفت الأيوبيين على مصر في سنة
648هـ/1250م، كانت دولة عسكرية قوية يرأسها قواد الجيش من المماليك.
وكان
هؤلاء المماليك، وهم من الأتراك والأرمن وغيرهما، قد وصلوا إلى المناصب
العالية في الجيش أثناء حكم الأيوبيين.
وأخيرًا، تولوا الحكم، وعينوا من
بينهم السلاطين للدولة، وقد كان لهؤلاء المماليك الفضل في إيقاف زحف
المغول عند "عين جالوت" سنة 658/1260 م، كما انتزعوا من الصليبيين "عكا"
وكانت آخر معقل لهم في الشرق سنة 692هـ/1292م.
أصل العثمانيين:
يقول
المؤرخون : إن الدولة العثمانية كانت أكبر وأبقى دولة أنشأها قوم يتكلمون
اللغة التركية في العهود الإسلامية. وهي إلى جانب ذلك أكبر دولة قامت في
قرون التاريخ الإسلامي المتأخرة. لقد كان مركزها الأصلي "آسيا الصغري" في
أقصي الركن الشمالي الغربي من العالم الإسلامي، ثم امتدَّت فتوحاتها إلى
ثلاث قارات هي : آسيا وأوربا وإفريقية. وتركت بصمات قوية في تاريخ العالم
عامة والإسلام خاصة، فكيف تم للأتراك العثمانيين ذلك؟ ومَنْ هم؟ ومن أين
جاءوا؟
أسئلة كثيرة تخطر بالبال حين يذكر أولئك الأتراك العثمانيون،
ويتساءل الكثيرون عن أصلهم، ولابد من طرح هذه الأسئلة قبل الحديث عن حكمهم
وفتوحاتهم.
يعتقد الكثيرون أن أصلهم من أواسط آسيا، وقد هاجروا في
جماعات نحو الغرب، حتي استقروا أخيرًا في القرن السادس الميلادي بالقرب من
منطقة بحر قزوين والجهات الواقعة شمال وشرق بلاد فارس .
وفي أيام الدولة
الأموية، تمكنت الجيوش الإسلامية من الوصول إلى منطقة سكناهم، إلا أنهم لم
يعتنقوا الإسلام جديّا إلا في أوائل العصر العباسي. وقد قربهم الخليفة
المعتصم -كما عرفت- حين أراد أن يقضي علي سيطرة الفرس الذين كانوا يتمتعون
بنفوذ كبير في الدولة العباسية وبخاصة في عهد المأمون.
وفي أواخر القرن
الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي جاءت موجة أخري من الأتراك (المعروفين
بالسلاجقة) وعلي رأسهم "طغرل بك"، وقضوا علي نفوذ البويهيين في بغداد،
وخلصوا الخليفة العباسي من استبدادهم، وتقدموا حتى هددوا القسطنطينية،
فتكتل المسيحيون في أوربا، وكان ذلك بسبب هزيمتهم أمام السلاجقة في
ملاذكرد، وقاموا بتلك الحروب الصليبية التي أمدَّت في عمر القسطنطينية
أربعة قرون.
كيف تكونت دولة الأتراك العثمانيين؟
في حوالي سنة
622هـ/1224م كانت جيوش التتار بقيادة جنكيز خان تتقدم إلي الغرب في اتجاه
الدولة العباسية.
ومن بين الذين فروا أمام الزحف التتري مجموعة من الترك
كانت تسكن منطقة "خُوارزم"، فتحركوا غربًا حتي وصلوا إلي آسيا الصغري
بالقرب من دولة "سلاجقة الروم" سنة 1250م تقريبًا. وهناك اتصل قائدهم
"أرطغرل" بالسلطان علاء الدين زعيم دولة سلاجقة الروم (وهم فرع آخر من نفس
الجنس التركي)، فوافق علاء الدين علي وجودهم، ومنحهم منطقة حول أنقرة
ليستقروا فيها علي الحدود بين دولته ودولة البيزنطيين. فلما وصلت جيوش
المغول إلى "دولة السلاجقة" وقف "أرطغرل" إلي جانب "علاء الدين"، حيث تمكنا
من هزيمة المغول وإنقاذ دولة السلاجقة.
بعد وفاة "أرطغرل" سنة
688هـ/1288م، عُيّن ابنه "عثمان" خلفًا له، فكان قويّا محبوبًا بين أهله،
ذا مكانة في بلاط السلطان علاء الدين؛ مما أثار حسد وزرائه.
فلما مات
علاء الدين كثرت المؤامرات، وضعفت الدولة، فاغتنم عثمان الفرصة، واستقل عن
السلاجقة، وأخذ يضيف بعض أجزاء دولتهم إلى سلطانه، وهكذا تأسست الدولة
العثمانية، وكان ذلك في سنة 700 هـ/1300م.
وبذا فقد نسبت تلك المجموعة
من الأتراك إلى هذا الرجل العظيم "عثمان" فسموا الأتراك العثمانيين؟ وكان
الإسلام هدف العثمانيين وشعارهم، له يعملون، وفي سبيله يجاهدون ويحاربون.
فتوحاتهم
المباركة:
كان الطريق مفتوحًا أمام هذه الدولة الناشئة ؛ فلم يكن هناك
ما يقف في طريق توسعها؛ حيث إن الإمبراطورية البيزنطية خرجت بعد الحروب
الصليبية وهي أسوأ حالا مما كانت عليه من قبل.
ويذكر المؤرخون أَنَّ
حملة من الحملات الصليبية قد احتلت القسطنطينية نفسها سنة 602هـ/1204م ،
ولم تتخلص عاصمة البيزنطيين منهم إلا بعد أكثر من ستين عامًا، فلما شرع
عثمان في التقدم نحو الأقاليم التابعة للدولة البيزنطية وجد الطريق مفتوحًا
أمامه.
وقد واصل ابنه "أورخان" هذه الفتوحات حتى بلغ "نيقية" وخضعت له
آسيا الصغرى (تركيا)، كما تمكن من عبور "الدردنيل"، والوصول إلى "مقدونيا"
غير أنه لم يتقدم نحو أوربا.
وكان لابد أن يتفرغ بعد هذا لتنظيم دولته،
فأنشأ جيشًا نظاميّا عُرف بالانكشارية (أى الجنود الجدد) .وكان هذا الجيش
مكونًا من أبناء البلاد المفتوحة.
فتم تدريبهم منذ الصغر على الإسلام
والعسكرية، وأعدت لهم معسكرات وثكنات يعيشون فيها حتى لا يختلطون بغيرهم،
مهمتهم التي أعدوا لها هي الدفاع عن الإسلام مع الفرسان من العثمانيين،
فيشبون أقوياء الجسم، مطيعين لقوادهم الذين لايعرفون غير الطاعة الكاملة..
أتدري مَنْ أول من استخدم هذا الجيش استخدامًا فعالا؟
السلطان مراد
الأول:
إنه السلطان "مراد الأول" ابن "أورخان" وكان مراد نفسه جنديّا
شجاعًا قرر أن يشن حربًا على أوربا بأسرها.
لقد أراد أن ينتقم من
الأوربيين لاعتدائهم على الإسلام والشرق أثناء الحروب الصليبية.هذا
بالإضافة إلى حماسه للإسلام، وحبه له وللدفاع عنه ضد أعدائه، ورغبته في
نشر الإسلام في بلاد الكفر، وتبليغ دعوة الله إلى العالمين، فمن المعروف أن
الأتراك من أقوى الشعوب حماسة، ومن أقواهم عاطفة تجاه الإسلام والمسلمين،
وكان سمتهم في تعاملهم مع الأسرى سمتًا إسلاميّا يدل على فهمهم للإسلام
ولمبادئ الحرب والقتال في الإسلام، وهذا ما شهد به أعداؤهم.
لقد عبرت
جيوشه الدردنيل (كما فعل والده من قبل)، واحتل مدينة "أدرنة"، وجعلها
عاصمته سنة 765هـ/1362م بدلا من العاصمة القديمة "بروسّة"، وبذلك يكون قد
نقل مقر قيادته إلى أوربا استعدادًا لتأديب وإخضاع تلك القارة المعتدية!
شملت
فتوحات "مراد": مقدونيا، وبلغاريا، وجزءًا من اليونان والصرب، كما هدد
القسطنطينية، وأجبر إمبراطورها على دفع الجزية.
لكن واأسفاه، قتل مراد
في ميدان القتال سنة 793هـ/1389م، في الوقت الذي كانت فيه جيوش المسلمين
الظافرة تحتل صوفيا عاصمة بلغاريا.
السلطان بايزيد:
فمن يا تُرى
يخلفه؟ لقد خلفه ابنه "بايزيد" ومن شابه أباه فما ظلم.كانوا يلقبونه
(بالصاعقة)، وذلك لسرعة تحركاته في ميادين القتال وانتصاراته الخاطفة.أتدري
ماذا حقق من انتصارات بعد أبيه؟ لقد أتم فتح اليونان. أما الدولة
البيزنطية فقد جردها من كل ممتلكاتها ماعدا القسطنطينية وحدها.
لقد بلغ
"بايزيد" من القوة ما جعله يمنع إمبراطور القسطنطينية من إصلاح أحد حصون
المدينة فيذعن الإمبراطور لأمره، وينزل عند رأيه. وكانت نتيجة هذا الجهاد
المقدس انتشار الذعر في جميع أنحاء أوربا، فقام البابوات في روما ينادون
بالجهاد ضد المسلمين كما فعلوا سنة 489هـ/1095م، وتجمعت فرق المتطوعين من
فرنسا وألمانيا وبولندا وغيرها وقادهم سِجِسْمُنْد المجري.
وفي سنة
799هـ/1396م اشتبك معهم "بايزيد" في معركة "نيقوبولس" وهزمهم هزيمة نكراء،
فدقَّت أجراس الكنائس في جميع أوربا حدادًا على تلك الكارثة، وانتابها
الذعر والقلق. وراحت أوربا تخشى مصيرها الأسود القاتم إذا تقدم ذلك القائد
المظفر نحو الغرب.
أما القسطنطينية فقد أوشكت على السقوط أمام جيوش
بايزيد!
هجوم التتار:
في هذه اللحظات التاريخية يتعرض جنوب الدولة
العثمانية إلى هجمات التتار، وكانت هذه هي الموجة الثانية (بعد تلك التي
قام بها هولاكو) جاء على رأسها تيمورلنك، فغزا بلاد فارس والعراق وأجزاء من
سوريا، ثم اتجه شمالا نحو الدولة العثمانية.
ولما شعر بايزيد بذلك
الخطر أوقف تقدمه في أوربا كما رفع الحصار عن القسطنطينية، واتجه جنوبًا
لملاقاة العدو.
وفي سنة 805هـ/1402م تقابل بايزيد مع تيمورلنك بالقرب من
أنقرة، ودارت الحرب بينهما زمنًا طويلا كان النصر فيها حليفًا لقوات
التتر! ووقع "بايزيد" في أسر عدوه تيمورلنك الذي عذبه عذابًا شديدًا.
ويقال: إنه سجنه في قفص، وطاف به أجزاء مختلفة من الدولة حتى مات من شدة
التعذيب.
ترى هل كانت هذه الهزيمة نهايةً للأتراك العثمانيين؟ لا؛ فقد
انتعشوا مرة ثانية، وقاموا بأعمال تفوق تلك التي قام بها "عثمان" و"مراد"
و"بايزيد".
سقوط القسطنطينية:
مرت على الدولة العثمانية فترتان بين
إنشائها واستيلائها على القسطنطينية.كانت الفترة الأولى واقعة بين استقلال
عثمان بالدولة سنة 700هـ/1300م وبين هزيمة "بايزيد" في موقعة أنقرة سنة
805هـ/1402م.
أما الفترة الثانية، فتبدأ من إعادة إنشاء الدولة سنة
816هـ/1412م حتى فتح القسطنطينية سنة 858هـ/1453م.
وكانت المدة الواقعة
بين هاتين الفترتين -وهي عشر سنوات- مدة قلاقل واضطرابات.
ولكن ماذا فعل
تيمورلنك بعد موقعة أنقرة وأسر بايزيد؟
عودة تيمورلنك إلى بلاده:
بعد
موقعة أنقرة تراجع تيمورلنك، فلم يكن قصده احتلال آسيا الصغري، بل كان كل
همه وأمله أسر بايزيد، أمَا وقد تحقق له ما أراد، فليرجع إلى بلاده، لقد
ترك البلاد مهزومة مفككة، وترك أولاد بايزيد يتحاربون فيما بينهم من أجل
الملك.
واستمرت فترة حكمه حوالي ثماني سنوات، أخذ يعمل فيها بحكمة
وتعقل؛لكي يدعم سلطانه داخل الدولة، فاتبع سياسة المهادنة والصداقة مع كل
الأعداء.
لقد عقد هدنة مع إمبراطور القسطنطينية، وقد رحب الإمبراطور
بتلك الهدنة؛ لأنه هو الآخر كان في حالة ضعف شديد نتيجة ضربات بايزيد
المتوالية على دولته.
أما السلاجقة، فقد ترك لهم "السلطان محمد" كل
الأراضي التي تحت أيديهم، وتفادي أي اشتباكات معهم، وركز كل همه في توطيد
سلطانه في الداخل، وكان له ما أراد.
السلطان مراد الثاني:
فلما توفي
"محمد" وخلفه ابنه "مراد الثاني" سنة 825هـ/1421م، كانت حالة الدولة
العثمانية تمكنها من اتخاذ بعض الخطوات الهجومية وقد كان.
فلقد استردّ
"مراد الثاني" ما أخذه السلاجقة من أراضي العثمانيين، واستعاد العثمانيون
ثقتهم وقوتهم في عهد مراد الثاني، فاتجهوا إلى أوربا.
ولكن أوربا لم
تنسَ هزيمتها في "نيقوبولس" وما لحق بها من عار، فراحت تكون جيشًا كبيرًا
من المجريين والبولنديين والصرب والبيزنطيين، وهاجمت ممتلكات الدولة
العثمانية في "البلقان".
وفي البدء تمكن المسيحيون من إحراز عدة
انتصارات على جيوش مراد، إلا أن السلطان "مرادًا" جمع قواته، وأعاد إعدادها
وتشكيلها حتى التقى مع أعدائه سنة 849هـ/1444م، فأوقع بهم الهزيمة، وعلى
رأسهم ملك المجر "فلادسلاق" وصدهم حتى نهر الدانوب.
رعاك الله يا مراد،
لقد أعدت الدولة العثمانية إلى ما كانت عليه أيام جدك بايزيد.
وهكذا لما
توفي "مراد الثاني" في "أدرنة" سنة 856هـ/ 1451ترك لابنه محمد الثاني
المعروف "بالفاتح" دولة قوية الأركان، عالية البنيان، رافعة أعلامها، متحدة
ظافرة منتصرة.
فتح القسطنطينية :
كان أول هدف لمحمد الفاتح القضاء
علي القسطنطينية، تلك المدينة التي صمدت أمام كل الهجمات الإسلامية من عهد
معاوية ابن أبي سفيان في منتصف القرن السابع الميلادي حتى منتصف القرن
الخامس عشر.
لقد كان الاستيلاء عليها أملا يراود الكثيرين من قادة
الإمبراطورية الإسلامية وخلفائها، وفخرًا حاول الكثيرون أن ينالوه ويحظوا
به، ولم لا وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم
الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش". [أحمد والحاكم].
السلطان محمد
الفاتح:
جاء محمد الثاني (محمد الفاتح) وكان مع الفتح على موعد، فعقد
العزم على فتحها، وإضافتها إلى العالم الإسلامي الكبير، ولم يكن هذا هو
هدفه الوحيد، بل كانت هناك عوامل كثيرة تحركه وتدفعه إلى تحقيق هذا النصر
وذلك الفتح العظيم، أيقال: إنه فتح الفتوح؟! أم أيقال: إنه فتح باركته
ملائكة السماء؟!
وكيف لا، والإمبراطورية البيزنطية كانت العدو الأول
للإسلام بعد أن سقطت دولة الفرس في القرن السابع الميلادي، وظلت تصطدم مع
المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين، وفي خلافة الأمويين والعباسيين وما
بعدها!
وكثيرًا ما كانت تتحين فرص ضعف الدولة الإسلامية فتغير عليها،
وتنتزع بعض أراضيها.
ولا يخفى أن بعد موقعة "ملاذكرد" في القرن الحادي
عشر أصبحت القسطنطينية نفسها محورًا تتمركز فيه كل قوى الصليبيين المتجمعة
من أطراف القارة الأوربية؛ لتشن الغارة تلو الغارة على الأراضي المقدسة،
ومناطق نفوذ المسلمين الأخري.
ولا ينسى أحد للقسطنطينية أنها في سنة
768هـ/1366م، تحالفت مع روما ودول أوربا الأخرى إلا أن بايزيد هزمهم في
"نيقوبولس".
ولم يَنْسَ خلفاء الدولة العثمانية للقسطنطينية أنَّها في
سنة 846هـ/1441م تآمرت مرة أخرى مع ملوك البلقان ضد مراد الثاني، إلا أن
الله نصر مرادًا عليهم فقضى على تحالفهم، وشتت شملهم، وَفرَّق جموعهم.
فلْيقضِ
محمد الفاتح على تلك القلعة الحصينة التي كثيرًا ما ضربتهم من الخلف، إن
هو أراد أن يستمر في فتوحاته الأوربية.
وراح محمد الفاتح يضع الخطة
بإحكام، عقد هدنة مع ملوك المسيحيين في البلقان لمدة ثلاث سنوات. واستغل
هذه الفترة الآمنة الهادئة في تحصين حدوده الشمالية وتأمينها. ثم ماذا؟ ثم
جهز جيشًا قوامه 60 ألف جندي نظامي، واتجه بهم نحو القسطنطينية وحاصرها،
ومع أن حامية القسطنطينية لم تكن تزيد على 8000 جندي إلا أنها كانت محصنة
جدّا، فالبحر يحيط بها من ثلاث جهات، أما الجهة الرابعة فقد أحيطت بأسوار
منيعة، وهذا هو السبب الرئيسي في صمودها طوال هذه القرون واستعصائها على
بني أمية وبني العباس.
وقد كان تأخر سقوط القسطنطينية في أيدي المسلمين
هو السبب في تأخر انهيار الدولة البيزنطية، فسقوط العاصمة يتسبب عنه سقوط
الدولة بأكملها، ولعل ذلك يرجع إلى أن قدرًا من الحضارة المادية كان عند
البيزنطيين؛ بحيث يستطيعون تحصين عاصمتهم والدفاع عنها، وقد تأخر سقوط
الدولة البيزنطية لمدة ثمانية قرون كاملة، على عكس الدولة الفارسية التي
سقطت وزالت مبكرًا نتيجة سقوط "المدائن" عاصمتها في وقت قصير.
إلا أن
الأحوال قد تغيرت كثيرًا في سنة 858هـ/1453م عندما حاصرها محمد الفاتح.
وكان
العالم قد توصل في ذلك الوقت إلى اكتشاف البارود-الذي يرجع الفضل في
اكتشافه إلى العلماء المسلمين-مما جعل الأسوار كوسيلة للدفاع قليلة
الفائدة.
وإلى جانب هذا وذاك، فإن الأسطول الإسلامي أصبح أقوى بكثير من
أسطول البيزنطيين، فحاصر المدينة من جهة البحر، وأغلق مضيق البسفور في وجه
أية مساعدة بحرية.
واستمر الحصار ستة أسابيع، هجمت بعدها الجيوش
الإسلامية، وتمكنت من فتح ثغرة في أحد الأسوار، ولكن الحامية المسيحية-
برغم قلتها- دافعت دفاعًا مريرًا، ومع ذلك فقد دخل محمد الفاتح
القسطنطينية، وغير اسم القسطنطينية إلى "إسلام بول" (أي عاصمة الإسلام)،
ولكنها حرفت إلى إستامبول، كما جعل أكبر كنائس المدينة (أيا صوفيا) مسجدًًا
بعد أن صلى فيه الجيش الفاتح بعد النصر، أما المسيحيون فلم يعاملهم بما
كانوا يعاملون به المسلمين، لقد ترك لهم حرية العبادة، وترك لهم بطريقَهُم
يشرف على أمورهم الدينية.
تسامح المنتصر:
وقد وصف فولتير الفيلسوف
الفرنسي الشهير موقف المنتصر المسلم من المهزوم المسيحي بقوله : إن الأتراك
لم يسيئوا معاملة المسيحيين كما نعتقد نحن، والذي يجب ملاحظته أن أمة من
الأمم المسيحية لا تسمح أن يكون للمسلمين مسجد في بلادها بخلاف الأتراك،
فإنهم سمحوا لليونان المقهورين بأن تكون لهم كنائسهم، ومما يدل على أن
السلطان محمد الفاتح كان عاقلا حكيمًا تركه للنصارى المقهورين الحرية في
انتخاب البطريق، ولما انتخبوه ثبته السلطان وسلمه عصا البطارقة، وألبسه
الخاتم حتى صرح البطريق عند ذلك بقوله : إني أخجل مما لقيته من التبجيل
والحفاوة، الأمر الذي لم يعمله ملوك النصارى مع أسلافي.
هذه هي حضارة
الإسلام ومبادئه في ميدان الحرب والتسامح مع أهل الأديان الأخري، على خلاف
النصارى في حروبهم مع المسلمين سواء في الحروب الصليبية أو في الأندلس أو
في العصر الحديث في كل مكان، فإنهم يقتلون الأبرياء، ويحرقون الأخضر
واليابس، ويخربون بيوت الله، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.
ولم يكتف
"محمد الثاني" بهذا النصر، بل سار إلى أعدائه في الغرب، وأخضع معظم دول
البلقان، إلى أن وصل إلى بحر الأدرياتيك، وفي آسيا امتدت سلطة العثمانيين
حتى نهر الفرات فهزموا السلاجقة، واستولوا على جميع أراضيهم.
آخر خليفة
عباسي:
وجاء "السلطان سليم" بعد محمد الفاتح، فدخلت الجيوش الإسلامية
الجزيرة العربية بأسرها، وعَرَّجوا على مصر فقضوا علىحكم المماليك فيها،
وضموها لممتلكاتهم.
وفي مصر، وجد السلطانُ سليم آخرَ سلالة الخلفاء
العباسيين واسمه "المتوكل على الله الثالث"، وطلب منه أن يتنازل له عن
الخلافة فقبل، وقد يتساءل: كيف يكون هناك خليفة عباسي مع أن التتار قضوا
على الخلافة العباسية في بغداد سنة 656هـ.
الواقع أنه بعد مقتل الخليفة
المستعصم في بغداد تمكن بعض أفراد أسرته من الهروب إلى مصر، فآواهم سلاطين
المماليك، ولقبوا أحدهم خليفة، وكانت خلافة رمزية، الغرض منها إكساب دولة
الخلافة سمعة كبيرة بوجود الخليفة فيها.
واستمرت سلالة هؤلاء الخلفاء
حتى سنة 924هـ/1518م، عندما دخل السلطان سليم مصر وهزم المماليك، ولما أراد
العودة إلى العاصمة إسلام بول أخذ معه الخليفة المتوكل على الله الثالث
الذي تخلى للسلطان سليم عن الخلافة، وسلمه الراية والسيف والبردة سنة
925هـ/1518م.
سقوط الخلافة العثمانية:
وهكذا انتقلت الخلافة إلى
الدولة العثمانية، واستمرت فيها حتى سنة 1342هـ/1923م، حتى ألغاها مصطفى
كمال أتاتورك ونقل العاصمة إلى أنقرة عاصمة تركيا الحديثة، وألغى اللغة
العربية في 1342هـ/3 مارس 1924م.
وكان اليهود قد حاولوا في عهد السلطان
عبد الحميد الثاني التأثير عليه بشتى الوسائل، وإغرائه بالمال، ليسمح
بتأسيس وطن قومي لليهود، فأبي، وقال : تقطع يدي ولا أوقع قرارًا بهذا، لقد
خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة، فلن أسود
صحائف المسلمين من آبائي وأجدادي السلاطين والخلفاء العثمانيين. وتجمعت كل
القوى المعادية للإسلام لتقضي على الخلافة، فكان لهم ما أرادوا، وتفرق شمل
المسلمين، واستبيحت ديارهم، فإنما يأكل الذئب من الغنم الشاردة، وها نحن
أولاء نشهد حربًا تدور في الخفاء والعلن ضد الإسلام والمسلمين في كل مكان،
ولا خلافة لهم تجمع كلمتهم وتدافع عنهم.
منجزات الخلافة العثمانية:
1-
فتح القسطنطينية، وتحقيق حلم وأمل المسلمين.
2- وقوف السلطان عبد
الحميد في وجه اليهود بقوة، ومنعهم من إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. فيروى
أنه بعد عقد مؤتمر بال بسويسرا 1336هـ/1897م والذي قرر اتخاذ فلسطين وطنًا
قوميّا لليهود، ذهب (قره صو) إلى الخليفة عبد الحميد، وذكر له أن الحركة
الصهيونية مستعدة أن تقدم قرضًا للدولة، قدره خمسون مليونًا من الجنيهات،
وأن تقدم هدية لخزانة السلطان الخاصة قدرها خمسة ملايين من الجنيهات، نظير
السماح لليهود بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، فصرخ الخليفة في حاشيته
قائلا:من أدخل على هذا الخنزير. وطرده من بلاده، وأصدر أمرًا بمنع هجرة
اليهود إلى فلسطين.
3- من أبرز خدماتها للمسلمين أنها أخرت وقوع العالم
الإسلامي تحت الاحتلال الأوربي، فما إن زالت الخلافة الإسلامية حتى أتى
الغرب على دول المسلمين يبتلعها دولة بعد الأخرى، وقد وقف السلطان سليم
الأول ومن بعده ابنه بقوة إلى جانب دولة الجزائر ودول شمال إفريقية وساعدهم
في مقاومة الاحتلال الأوربي في بداية الأمر عندما استغاث خير الدين
بالسلطان سليم فأمده بالعدة والعتاد.
4- دفاعهم عن الأماكن المقدسة،
فعندما حاولت قوات الأسطول البرتغالي (مرتين) أن تحتل جدة وتنفذ منها إلى
الأماكن المقدسة في الجزيرة، وقفت في وجهها الأساطيل العثمانية، فارتدت على
أعقابها خاسرة، بل إن القوات البحرية أغلقت مضيق عدن في وجه الأساطيل
البرتغالية، فكان عليها أن تأتي بالشحنات التجارية وتفرغها في مضيق عدن،
ويقوم الأسطول الإسلامي العثماني بتوصيلها إلى عدن والموانئ الإسلامية.
5-
ويكفي أن الخلافة العثمانية كانت رمزًا لوحدة المسلمين، وقوة تدافع عن
المسلمين وقضاياهم وأراضيهم، بالإضافة إلى الفتوحات الإسلامية، وحرصهم على
الإسلام وحبهم له، كيف لا، وقد قامت دولتهم على حب الإسلام بغرض الدفاع
عنه.
هذا وقد ظلم التاريخ هذه الخلافة الإسلامية خلافة العثمانيين؛ لأن
تاريخها كتب بأيدي أعدائها سواء من الأوربيين أو من العرب الذين تربوا على
مناهج الغرب، وظنوا أنها احتلال للبلاد العربية، ولذلك فتاريخ هذه الخلافة
يحتاج إلى إعادة كتابة من جديد.
***
التاريخ الإسـلامي



ملحق الحروب الصليبية
القدس الإسلامية:
في عهد الخليفة عمر بن
الخطاب- رضي الله عنه-، تم فتح الشام وفلسطين، وجاء الخليفة بنفسه لتسلم
القدس سنة 16هـ/ 637م.والقدس مدينة هامة من الوجهة الدينية لدى الأديان
الثلاثة. لقد فتحت هذه المدينة، وأصبح المسلمون سادتها، ولأنهم قد تعلموا
من دينهم التسامح فقد فتحوا أبواب المدينة للحجاج المسيحيين يأتون ويعودون
في سلام وأمان.
وبقيت هذه السّنة الجميلة تقليدًا تبعه الخلفاء من
بعده، فقد امتاز عهد الرشيد بمستوى رفيع من التسامح الديني، فقد أهدى
"شارلمان" وهو إمبراطور المسيحيين في ذلك الوقت مفاتيح "كنيسة القيامة"،
كما سمح له ببناء مستشفى فيها، ومكتبة جمعت كثيرًا من الدراسات المسيحية،
وقد كان هذا التسامح سمة كل العصور الإسلامية قاطبة.
بداية الحروب
الصليبية:
كان البويهيون يقفون موقفًا سلبيّا من أعداء الإسلام بعد
استيلائهم على الخلافة العباسية ببغداد؛ مما شجع ملك الروم سنة 462هـ/
1070م على غزو الشام، فقد خرج ملك الروم في ثلاث مائة ألف مقاتل، ونزل على
"مَنْبح" وأحرق القرى بينها وبين أرض الروم، وقتل رجالهم، وسَبَى نساءهم
وأولادهم.
وفزع المسلمون في حلب فزعًا عظيمًا، ولم يكد العام ينتهي حتى
عاود ملك الروم هجماته بجيش كثير العدد والعدة يريد القضاء على الإسلام
والمسلمين، حتى وصل إلى "ملاذكرد" من أرمينيا، ولكن "ألب أرسلان السلجوقي"
سار إليه في خمسة عشر ألفًا، وكله إيمان بالله، ويقين بأن الله ناصر دينه،
قائلا : "إنني أقاتل محتسبًا صابرًا، فإن سلمت فبنعمة من الله تعالي، وإن
كانت الشهادة (الموت في سبيل الله) فإن ابني "ملكشاه" ولي عهدي!
وأشار
الفقيه "أبو نصر البخاري" أن يكون يوم الجمعة بعد الصلاة هو موعد اللقاء مع
الأعداء، بعد أن يدعو جميع الخطباء للمجاهدين في سبيل الله على المنابر،
وصلى بهم الفقيه البخاري، وبكى السلطان، فبكى الناس لبكائه، ودعا ودعوا
معه، ثم قال لهم : من أراد الانصراف فلينصرف، فما ههنا سلطان يأمر وينهي.
ثم أخرج السلطان كفنه ليراه جنوده -ليحفزهم على الاستشهاد- ففعلوا مثله.
وبدأ
الزحف إلى الروم، فلما اقترب السلطان منهم نزل عن فرسه، وسجد لله-عز
وجل-ومَرَّغَ وجهَه في التراب، ودعا الله، وطلب منه النصر على أعدائه، وأخذ
في التضرع والبكاء، ثم ركب فرسه، وهجم على العدو فحملت العساكر معه، وكان
نصر الله على الرغم من قلة عدد المسلمين وكثرة أعدائهم، لكن النصر من عند
الله ينصر من يشاء، وهو القوي العزيز.
كان أرسلان، رحمه الله، عادلاً
رحيمًا مقرّا بأنعم الله عليه، يتصدق على الفقراء، ولا سيما في رمضان.
وشاء
الله أن يقتل المسلمون من الروم عددًا كبيرًا حتى امتلأت الساحة بجثث
القتلى منهم، وأُسر ملك الروم، وافتدى نفسه بألف ألف وخمسمائة ألف دينار،
كما افتدى قواده، وكان موقف أرسلان قويّا، يستمد قوته من عزة المسلم الذى
يستمد عزته من عزة الله سبحانه، فقد فرض أرسلان على ملك الروم أن يرد كل
أسير مسلم في أيدي الروم، وشرط عليه أن يرسل إليه عساكر الروم عند طلبها في
أي وقت.
وكانت موقعة "ملاذكرد" هذه بين السلاجقة والروم سنة 463هـ/
1071م، من المعارك الحاسمة التي أدت إلى هزيمة ساحقة مروعة للروم، وذلك رغم
التفاوت الكبير بين القوتين، إذ لم تزد قوات أرسلان على عشر من قوات
الصليبيين.
اجتماع كليرمونت:
وقد أدى ذلك إلى أن يستنجد أحد أباطرتهم
(ملكوهم) بأوربا ويستغيث بها، فراح البابا يدعو إلى اجتماع عام في "كلير
مونت" بفرنسا ويدعو المجتمعين إلى غزو الشرق الإسلامي، وتخليص الأراضي
المقدسة من الترك، وتخليص أراضي الإمبراطورية البيزنطية من الأعداء
الغاصبين، وراح يحث الأمراء على توسيع أملاكهم وغزو الشرق الغني، فماذا
كانت النتيجة؟ وكيف كانت هزيمة "ملاذ كرد" سببًا في قيام الحروب الصليبية؟
وفي أثناء هذه الحروب ظهر خطر المغول، فكيف واجهت البلاد إعصار المغول،
والحروب الصليبية؟
استيلاء الصليبيين على القدس:
وفي عام 491هـ/
1097م؛ تجمعت قوات الصليبيين في القسطنطينية، وبعد أن تم إعدادها عبرت
البسفور إلى الشام، ودارت بينهم وبين السلاجقة معركة عام 1097م، عند
"ضورليوم"، ولكن هزم فيها السلاجقة، ثم استولى الصليبيون على أنطاكية في
شمالي الشام، وأسسوا بها أول إمارة لهم، ثم استولوا على الرها في إقليم
الجزيرة الشمالي، وأسسوا إمارتهم الثانية واتجهوا إلى مدينة القدس وبها بيت
المقدس.
وأمام أربعين ألف مقاتل، لم يستطع جيش الفاطميين فك حصارهم
للمدينة الذي استمر شهرًا كاملا، ودخلوها في النهاية في 15 يوليو سنة
1099م، وأقاموا فيها مذبحة قضوا على سكانها جميعًا رجالا ونساءً وأطفالا
وكهولا، واستباحوا مدينة القدس أسبوعًا يقتلون ويدمرون حتى قتلوا في ساحة
الأقصى فقط سبعين ألفًا من المسلمين .
ويذكر أن ريموند القائد الصليبي
احتل "مَعَرَّة النعمان"، وقتل بها مائة ألف،ٍ وأشعل النار فيها، ثم أقاموا
دولتهم الكبرى المعروفة باسم مملكة القدس. وفي هذه الحملة، ظلت بعض مدن
الشام الهامة مثل حلب ودمشق في أيدي المسلمين .
لقد تم الاستيلاء على
القدس، وشعر الصليبيون أنهم حققوا واجبهم الديني باستعادة المدينة المقدسة.
وقد
قسم الصليبيون هذا الإقليم إلى أربع إمارات:
إمارة الرُّها 492هـ/
1098م، وتشمل أعالي نهري دجلة والفرات، وتقرب حدودها الجنوبية الغربية من
حلب، وكانت عاصمتها الرها التي توجد في بعض الخرائط باسم إدريسّا .
أما
الثانية فهي إمارة أنطاكية، وتقع في الإقليم الشمالي جنوب غرب إمارة الرها .
ثم
تليها جنوبًا إمارة طرابلس وهي تقع في شريط ضيق على الساحل وهي أصغر هذه
الإمارات .
أما الرابعة فهي مملكة القدس، وتمتد حدودها الشرقية من قرب
بيروت الحالية، ثم تتبع نهر الأردن حيث تتسع قليلا، وتتجه جنوبًا إلى خليج
العقبة، وكانت عاصمتها القدس نفسها .
وكان لكل إمارة من هذه الإمارات
أمير أو حاكم يحكمها، لقد استولوا على القدس، وها هو ذا نصرهم قد تم، وها
هي ذي أوربا كلها في فرح متزايد، ولكن الخلافات بينهم قد عادت كأشد ما تكون
بعد أن تم لهم النصر .
انتصار نور الدين على الصليبيين:
وبرغم
الآلام التي عانى منها المسلمون تحت مطارق الصليب، وبحار الدماء والحقد،
عاد الإسلام-ولم يكن قد مات يومًا- يشعل صدور المسلمين، فهبوا جنودًا لله
كما كانوا، وقيض الله لهذه الأمة رجلا تركيّا هو "عماد الدين زنكي" الذي
عرف أن طريق النصر يبدأ دائمًا بالعودة إلى الله. كيف كان ذلك؟
عندما
انقسمت دولة السلاجقة بعد "ملكشاه" استطاع أحد مماليكه الأتراك وهو عماد
الدين زنكي أن يستقل بإقليم الموصل .
وما لبثت قوة هذا الرجل أن تضاعفت
فقام بهجوم على "الرها"، وتمكن من الاستيلاء على عاصمتها رغم مناعة أسوارها
سنة 539هـ/1144م. وكان لسقوط "الرها" في أوربا هِزة عنيفة أدت إلى الدعوة
إلى حملة صليبية أخري.
ويحمل نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي عبء
الجهاد والدفاع عن أرض الإسلام بعد استشهاد أبيه عماد الدين عام 1146م، على
يد أحد أتباع المذهب الإسماعيلي (المعروفون باسم الحشاشين الباطنية)،
ويعيد نور الدين فتح الرها التي سارع الصليبيون إلى احتلالها بعد استشهاد
أبيه، ويعود مظفرًا إلى حلب، ومن هناك يستعد للقاء الصليبيين، ويهزمهم
بالقرب من دمشق، بل ويهاجم بعد ذلك إمارة إنطاكية ويستولي على أجزاء منها،
ويقبض على أميرها بوهيموند وجماعة من أكابر أمراء الصليبيين، واستطاع أن
يخضع باقي مدن الرها التي لم تكن قد خضعت من قبل.
ثم توج جهوده لما دعاه
أهل دمشق لحكمهم بعدما رأوا عدله وشجاعته، فتكونت جبهة إسلامية واحدة تمتد
من حلب إلى دمشق ويدعمها ملك أخيه في الموصل.
كم أنت عظيم يا نور
الدين، لقد أضأت للمسلمين طريقهم؛ فعرفوا كيف يكون الجهاد والتضحية.
موقف
مصر من الصليبيين:
كانت مصر في ذلك الوقت تحت سلطان الفاطميين الذين
كانوا وقتذاك في أقصى حالات الضعف، فقد كانت السلطة الفعلية في أيدي
الوزراء الذين كانوا يعملون على اختيار الخليفة من ضعفاء الفاطميين حتى
يضمنوا سي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://said63.yoo7.com
 
التاريخ الاسلامي14
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التاريخ الإسـلامي11
» التاريخ الاسلامي12
» التاريخ الاسلامي13
» التاريخ الإسـلامي5
» التاريخ الإسـلامي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شباب العرب لكل العرب مدير المنتدى / سعيد حسين ياسين العطـار  :: إسلاميات :: الأسرة في الأسلام-
انتقل الى: