إن من يعيش عمره على وتيرة واحدة جدير أن يصيبه الملل؛ لأن النفس ملولة، فإن الإنسان بطبعه يمل الحالة الواحدة، ولذلك غاير سبحانه وتعالى بين الأزمنه والأمكنه، والمطعومات، والمشروبات، والمخلوقات، ليل ونهار،وسهل وجبل، وأبيض وأسود، وحار وبارد، وظل وحرور،وحلو وحامض،وقد ذكر الله هذا التنوع في كتابه: (يَخْرُجُ من بُطُونِها شَرابٌ مُخْتلفٌ ألوانهُ) ، (صنْوانٌ وغيرُ صنْوانٍ) ، (مُتَشابهاً وغَير مُتشابه) ،
(وَمِن الْجبالِ جُددُ بِيضٌ وَحمرٌ مُختلفٌ ألْوانُها)،
(وتَلْك الأيام نُداوِلهاَ بيْن النَاسِ).وقد مل بنو إسرائيل أجود الطعام ؛ لأنهم أدموا أكله:
(لَن نَصبرَ عَلى طَعَامٍ وَاحِدٍ).
وكان المأمون يقرأ مرة جالساً، ومرة قائماً، ومرة وهو يمشي، ثم قال:
النفس ملوله، (الَذين يذكُروُن اللهَ قِياماً وقُعُوداً وَعًلى وجنوبِهِمْ).ومن يتأمل العبادات، يجد التنوع والجدة، فأعمال قلبية وقولية وعملية ومالية، صلاة وزكاء وصوم وحج وجهاد ،والصلاة قيام وركوع وسجود وجلوس، فمن أراد الرتياح والنشاط ومواصد العطاء فعليه بالتنويع في عمله واطلاعه وحياته اليومية، فعند القراءة مثلاً ينوع الفنون، مابين قرآن وتفسير وسيرة وحديث وفقه وتاريخ وأدب وثقافه عامة، وهكذا، يوزع وقته مابين عباده وتناول مباح، وزيارة واستقبال ضيوف، ورياضة ونزهة، فسوف يجد نفسه متوثبه مشرقة؛ لأنها تحب التنويع وتستملح الجديد. المصدر|كتاب لاتحزن للدكتور عائض القرنى ادعوكم لقراءته كتاب رائع جدا